ليل و طرب
26-03-2016, 03:15 PM
..
"ناصر القصبي" ناعياً وفاة مؤلف "طاش ما طاش": صاعقة نزلت عليّ
بدر العتيبي - الرياض
نعى الممثل ناصر القصبي، وفاةَ الكاتب والمؤلف الدكتور عبدالرحمن الوابلي، الذي توفي بعد مسيرة كتَبَ فيها أشهَرَ نصوص المسلسل الشهير "طاش ما طاش"؛ ومنها حلقة "لبراليون ولكن"، وشارك في كتابة نصوص مسلسليْ "كلنا عيال قرية" ومسلسل "سلفي" الذي عُرض في رمضان الماضي.
وكتب "القصبي" في تغريدة له بحسابه في "تويتر": "خبر وفاة الدكتور عبدالرحمن الوابلي نزل عليّ كالصاعقه، لا إله إلا الله والموت حق.. ما زلتُ غير مصدق".
وأضاف: "خسارتي بفقدك عظيمة يا عبدالرحمن الوابلي، صديق عظيم وفنان أعظم، وأخلاق ومواقف شجاعة، ومبدأ لا يحيد عنه، الله يرحمه ويغفر له".
فيما قال عبدالله السدحان: "ان خبر وفاة الدكتور عبدالرحمن الوابلي كان كالمفاجأة علينا، وتربطني به علاقة أخوية وعلى تواصل مستمر، حيث كان من خيرة الذين تعرفت عليهم وساهموا في إنجاز مسلسل "طاش ماطاش" عندما كتب بعضاً من حلقاته، وبين السدحان ان الثقافة السعودية ستفتقده لما يميزه عن الآخرين. وقال افتقدت أخاً جميلاً كان عوناً لنا في صناعة الوعي السعودي.
فيما قال الكاتب خلف الحربي: "نسأل الله الرحمة والمغفرة للدكتور عبدالرحمن الوابلي، خسارتنا بفقده عظيمة.. عقل مستنير وخلق رفيع وقلب أبيض، إنا لله وإنا إليه راجعون".
فيما غرد الكاتب الدكتور قبلان المزيني: "رحم الله الزميل الصديق الدكتور عبدالرحمن الوابلي وغفر له وتقبله في جنات النعيم وأحسن عزاء أسرته الكريمة فيه وعزاءنا جميعاً".
وقد قال آخرون: إن ما يميز عبدالرحمن الوابلي هو أنه ساهم كثيراً في نشر الوعى بين المواطنين السعوديين من جميع الأطياف، فهو له رصيد كبير من المقالات التحليلية والبحثية الرائعة والتي كانت محط اهتمام الكثير في المملكة.
_____________________________
كر .. فأنت ليبرالي حر
طورت كلمة "الليبرالية" لتشير إلى عقلية الإنسان المثقف المتعلم الثري، المستقل، واسع الأفق، رحب الصدر، سامي النفس، سمح التفكير، الصريح المنفتح المعتدل، المدافع عن حقوق الآخرين
عبدالرحمن الوابلي
الليبرالية مشتقة من الكلمة اللاتينية Liber والتي تعني "حر"، وكانت تعني كل ما هو مرتبط بالرجل الحر، ومن أول من نادى بهذا المفهوم وجسده تاريخياً، على أرض الواقع العربي، قولا وفعلاً، هو الفارس العربي النبيل، عنترة بن شداد العبسي، وذلك عندما هجم على قوم عنترة، غزاة أشداء؛ أتاه والده مستنجداً به، ليقول له، أين أنت يا عنترة؟ لماذا لا تكر عليهم؟! فقال له عنترة: "أنا يا أبتاه عبد لا أعرف الكر وإنما أعرف الحلب والصر"، فأعتقه والده، وقال له كر فأنت حر. وهكذا امتشق الفارس عنترة حريته، قبل أن يمتشق حسامه؛ لأن لا مفعول للحسام بدون قبضة حرة، وهي المعادلة الحقة، التي تجلت برفض عنترة بأن يحرر حسامه من غمده، قبل أن يحرر قبضته من عبوديتها؛ حيث لا معنى لهذه بدون تلك ولا معنى لتلك بدون هذه.
والمعادلة العنترية الإنسانية، تؤكد على أن الفعل الذي لا ينطلق من الحرية، وتكون الحرية قاعدته؛ لا معنى ولا فاعلية له. أي أن الحرية هي الشرط المؤسس للفعل الناجح والضامن لفاعليته وتأثيره الإيجابي، وما عداه من أفعال، فهي مضيعة للوقت وللجهد، هذا إن لم ترتد عكسية على فاعلها أو فاعليها. إذاً فالإيمان الحق لا ينطلق إلا من خلال الحرية الحقة؛ وإلا شابه الرياء والنفاق، إن لم يكن الكذب والدجل والتدليس. الحرية ليست بدين، وإنما هي ضرورة حياة وصفاء ونقاء لكل دين ومعتقد.
ولذلك فلم يقم موسى عليه السلام بتبليغ رسالة الوحدانية لقومه قبل أن يحقق لهم الحرية، بأن طلب من فرعون في أول لقاء معه، بأمر من المولى سبحانه وتعالى، بحرية بني إسرائيل والتوقف عن اضطهادهم "أن أرسل معنا بني إسرائيل"، (الشعراء 17)، و"فأرسل معنا بني إسرائيل ولا تعذبهم"، (طه 47)؛ هذا قبل أن يدعو قومه، أو حتى فرعون نفسه للتوحيد، لأن مناخ العبودية والاضطهاد ملوث بذاته وملوث لغيره، ولذلك فهو غير قابل لزرع الإيمان الصادق واحتضانه، ناهيك عن حمله بدون تشوهات تبعات الذل والإجبار والعبودية. وهذا ما أكدت عليه الآيات التالية: "وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر"، ( الكهف 29 )، و"فذكر إنما أنت مذكر، لست عليهم بمصيطر"، (الغاشية، 21- 22)، و"فإن أسلموا فقد اهتدوا وإن تولوا فإنما عليك البلاغ والله بصير بالعباد"، (آل عمران 20)، و"وما على الرسول إلا البلاغ المبين"، (العنكبوت 18).
فالإيمان فعل، وشرط الثواب والعقاب على الفعل هو الوعي به، وكمال الوعي به ينطلق من تعدد الخيارات، والخيارات لا تكون خيارات إلا في ظل مناخ من الحريات العامة والخاصة، والحريات بنوعيها، لا تكتمل وتستقيم إلا في ظل قاعدة معرفية خصبة متنوعة ومتشعبة. فالبيئة الفرعونية التسلطية غير قابلة لزرع الإيمان الحقيقي فيها بأي عقيدة كانت، غير العقيدة الفرعونية، إذاً فلا مناص من رفض البنية التحتية الفرعونية المادية والمعنوية منها، وفرض الحرية وتأسيس بنيتها التحتية؛ من أجل سلامة ونضج وكمال الأفعال والعقول وصفاء الإيمان.
إذا فالنهج الليبرالي الحر، لم يتوصل إليه الإنسان المعاصر إلا بعد ما خبر مآسي وويلات الديكتاتوريات بجميع أشكالها. الليبرالية ليست بدين، ولا عقيدة وإنما نهج إدارة حياة، فالليبرالي هو مسلم أو مسيحي أو يهودي أو بوذي، أو حتى لا ديني؛ ولكنه ضد التسلط والفرض التعسفي للقناعات على نفسه وعلى الآخرين. النهج الليبرالي يمكن اختصاره بـ"أنت حر ما دمت لا تؤذي غيرك ولا تضر".
وأول ما أطلقت الليبرالية على "الفنون والآداب الحرة"، كما أطلقت كذلك على "التعليم الحر"، ثم على "المهن الحرة". وبعد ذلك تطورت كلمة "الليبرالية" لتشير إلى عقلية الإنسان المثقف المتعلم الثري، حتى أصبحت تطلق على الإنسان المثقف المستقل، واسع الأفق، رحب الصدر، سامي النفس، سمح التفكير، الصريح المنفتح الأنيس اللطيف المعتدل، المدافع عن حقوق الآخرين من المضطهدين والمستضعفين. ثم أخذ معنى الليبرالية في التطور حتى أصبح يطلق على النظم التي تتسم بالحرية واللامركزية، واستمرت أيضا في التطور حتى أصبحت تطلق على النظم الاقتصادية الحرة.
والليبراليون هم أول من طالب بحقوق الإنسان والمساواة في المواطنة والإخاء بين البشر، وطالبوا بأن تصبح أنظمة وقوانين فاعلة ونافذة وتلحق بدساتير الدول.
هذا وقد تطور مفهوم الليبرالية ليعني الانتخابات الحرة والنزيهة، والفصل بين السلطات في الدولة، والإيمان بالحقوق المدنية وحرية الصحافة والإعلام، وحرية التدين والتجارة وحق الحياة وحق الملكية وحق الحرية. وكان هذا ثمار نضال وكفاح الليبراليين الأحرار، الذين قاوموا الاستبداد بجميع أنواعه، بالكلمة الحرة والقلم الحر الشجاع، وكشفوا للناس مثالبه وعوراته. والليبراليون يؤمنون إيمانا لا يحيدون عنه، بحرية التدين وحرية المعتقد وممارسة العبادة؛ وهذا امتداد لما بدأ به الرسل والأنبياء عليهم أفضل الصلوات والتسليم، وهذا مشاهد وملموس على أرض الواقع، ومن حاد عنه، فالليبرالية منه براء، ولو ادعى بأنه ليبرالي.
وهنالك خلط مقصود أو عن جهل، بين اللا ديني والإباحي والفوضوي وبين الليبرالي؛ فقد يكون اللا ديني أو الإباحي أو الفوضوي متسلطا لا يؤمن بالليبرالية وإنما يؤمن بفرض آرائه ومزاجه وتسلطه على الآخرين لا غير.
والليبرالية كنهج مضاد لنهج التسلط والاستبداد والطغيان، تمت محاربتها وتشويهها والحط والتحذير منها وإلصاق ما ليس منها بها.
من مبادئ الليبرالية الحرية والعدالة والإخاء والمساواة والشفافية ومحاربة الفسـاد. وهذه المبادئ هي التي طالبت بها الجماهير العربية خلال الربيع العربي.
ودليل على سماحة النهج الليبرالي، تسلقت إلى الحكم بعض الجماعات التي كانت مجافية، إن لم نقل معادية للنهج الليبرالي، ولذلك فكل متسلق سيسقط إن عاجلاً أم آجلاً، وهذا مصير اللصوص؛ وسيصعد ويبقى ليبني كل صادق مع ما طرحته جماهير الربيع العربي من قيم إنسانية ليبرالية، ولو كره المتسلقون.
فالعصر عصر الليبراليين والمبادئ الليبرالية، والزمن زمنك إيها الليبرالي، وأنت من ناضل من أجل بنائه، فكر.. فأنت ليبرالي حر.
"ناصر القصبي" ناعياً وفاة مؤلف "طاش ما طاش": صاعقة نزلت عليّ
بدر العتيبي - الرياض
نعى الممثل ناصر القصبي، وفاةَ الكاتب والمؤلف الدكتور عبدالرحمن الوابلي، الذي توفي بعد مسيرة كتَبَ فيها أشهَرَ نصوص المسلسل الشهير "طاش ما طاش"؛ ومنها حلقة "لبراليون ولكن"، وشارك في كتابة نصوص مسلسليْ "كلنا عيال قرية" ومسلسل "سلفي" الذي عُرض في رمضان الماضي.
وكتب "القصبي" في تغريدة له بحسابه في "تويتر": "خبر وفاة الدكتور عبدالرحمن الوابلي نزل عليّ كالصاعقه، لا إله إلا الله والموت حق.. ما زلتُ غير مصدق".
وأضاف: "خسارتي بفقدك عظيمة يا عبدالرحمن الوابلي، صديق عظيم وفنان أعظم، وأخلاق ومواقف شجاعة، ومبدأ لا يحيد عنه، الله يرحمه ويغفر له".
فيما قال عبدالله السدحان: "ان خبر وفاة الدكتور عبدالرحمن الوابلي كان كالمفاجأة علينا، وتربطني به علاقة أخوية وعلى تواصل مستمر، حيث كان من خيرة الذين تعرفت عليهم وساهموا في إنجاز مسلسل "طاش ماطاش" عندما كتب بعضاً من حلقاته، وبين السدحان ان الثقافة السعودية ستفتقده لما يميزه عن الآخرين. وقال افتقدت أخاً جميلاً كان عوناً لنا في صناعة الوعي السعودي.
فيما قال الكاتب خلف الحربي: "نسأل الله الرحمة والمغفرة للدكتور عبدالرحمن الوابلي، خسارتنا بفقده عظيمة.. عقل مستنير وخلق رفيع وقلب أبيض، إنا لله وإنا إليه راجعون".
فيما غرد الكاتب الدكتور قبلان المزيني: "رحم الله الزميل الصديق الدكتور عبدالرحمن الوابلي وغفر له وتقبله في جنات النعيم وأحسن عزاء أسرته الكريمة فيه وعزاءنا جميعاً".
وقد قال آخرون: إن ما يميز عبدالرحمن الوابلي هو أنه ساهم كثيراً في نشر الوعى بين المواطنين السعوديين من جميع الأطياف، فهو له رصيد كبير من المقالات التحليلية والبحثية الرائعة والتي كانت محط اهتمام الكثير في المملكة.
_____________________________
كر .. فأنت ليبرالي حر
طورت كلمة "الليبرالية" لتشير إلى عقلية الإنسان المثقف المتعلم الثري، المستقل، واسع الأفق، رحب الصدر، سامي النفس، سمح التفكير، الصريح المنفتح المعتدل، المدافع عن حقوق الآخرين
عبدالرحمن الوابلي
الليبرالية مشتقة من الكلمة اللاتينية Liber والتي تعني "حر"، وكانت تعني كل ما هو مرتبط بالرجل الحر، ومن أول من نادى بهذا المفهوم وجسده تاريخياً، على أرض الواقع العربي، قولا وفعلاً، هو الفارس العربي النبيل، عنترة بن شداد العبسي، وذلك عندما هجم على قوم عنترة، غزاة أشداء؛ أتاه والده مستنجداً به، ليقول له، أين أنت يا عنترة؟ لماذا لا تكر عليهم؟! فقال له عنترة: "أنا يا أبتاه عبد لا أعرف الكر وإنما أعرف الحلب والصر"، فأعتقه والده، وقال له كر فأنت حر. وهكذا امتشق الفارس عنترة حريته، قبل أن يمتشق حسامه؛ لأن لا مفعول للحسام بدون قبضة حرة، وهي المعادلة الحقة، التي تجلت برفض عنترة بأن يحرر حسامه من غمده، قبل أن يحرر قبضته من عبوديتها؛ حيث لا معنى لهذه بدون تلك ولا معنى لتلك بدون هذه.
والمعادلة العنترية الإنسانية، تؤكد على أن الفعل الذي لا ينطلق من الحرية، وتكون الحرية قاعدته؛ لا معنى ولا فاعلية له. أي أن الحرية هي الشرط المؤسس للفعل الناجح والضامن لفاعليته وتأثيره الإيجابي، وما عداه من أفعال، فهي مضيعة للوقت وللجهد، هذا إن لم ترتد عكسية على فاعلها أو فاعليها. إذاً فالإيمان الحق لا ينطلق إلا من خلال الحرية الحقة؛ وإلا شابه الرياء والنفاق، إن لم يكن الكذب والدجل والتدليس. الحرية ليست بدين، وإنما هي ضرورة حياة وصفاء ونقاء لكل دين ومعتقد.
ولذلك فلم يقم موسى عليه السلام بتبليغ رسالة الوحدانية لقومه قبل أن يحقق لهم الحرية، بأن طلب من فرعون في أول لقاء معه، بأمر من المولى سبحانه وتعالى، بحرية بني إسرائيل والتوقف عن اضطهادهم "أن أرسل معنا بني إسرائيل"، (الشعراء 17)، و"فأرسل معنا بني إسرائيل ولا تعذبهم"، (طه 47)؛ هذا قبل أن يدعو قومه، أو حتى فرعون نفسه للتوحيد، لأن مناخ العبودية والاضطهاد ملوث بذاته وملوث لغيره، ولذلك فهو غير قابل لزرع الإيمان الصادق واحتضانه، ناهيك عن حمله بدون تشوهات تبعات الذل والإجبار والعبودية. وهذا ما أكدت عليه الآيات التالية: "وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر"، ( الكهف 29 )، و"فذكر إنما أنت مذكر، لست عليهم بمصيطر"، (الغاشية، 21- 22)، و"فإن أسلموا فقد اهتدوا وإن تولوا فإنما عليك البلاغ والله بصير بالعباد"، (آل عمران 20)، و"وما على الرسول إلا البلاغ المبين"، (العنكبوت 18).
فالإيمان فعل، وشرط الثواب والعقاب على الفعل هو الوعي به، وكمال الوعي به ينطلق من تعدد الخيارات، والخيارات لا تكون خيارات إلا في ظل مناخ من الحريات العامة والخاصة، والحريات بنوعيها، لا تكتمل وتستقيم إلا في ظل قاعدة معرفية خصبة متنوعة ومتشعبة. فالبيئة الفرعونية التسلطية غير قابلة لزرع الإيمان الحقيقي فيها بأي عقيدة كانت، غير العقيدة الفرعونية، إذاً فلا مناص من رفض البنية التحتية الفرعونية المادية والمعنوية منها، وفرض الحرية وتأسيس بنيتها التحتية؛ من أجل سلامة ونضج وكمال الأفعال والعقول وصفاء الإيمان.
إذا فالنهج الليبرالي الحر، لم يتوصل إليه الإنسان المعاصر إلا بعد ما خبر مآسي وويلات الديكتاتوريات بجميع أشكالها. الليبرالية ليست بدين، ولا عقيدة وإنما نهج إدارة حياة، فالليبرالي هو مسلم أو مسيحي أو يهودي أو بوذي، أو حتى لا ديني؛ ولكنه ضد التسلط والفرض التعسفي للقناعات على نفسه وعلى الآخرين. النهج الليبرالي يمكن اختصاره بـ"أنت حر ما دمت لا تؤذي غيرك ولا تضر".
وأول ما أطلقت الليبرالية على "الفنون والآداب الحرة"، كما أطلقت كذلك على "التعليم الحر"، ثم على "المهن الحرة". وبعد ذلك تطورت كلمة "الليبرالية" لتشير إلى عقلية الإنسان المثقف المتعلم الثري، حتى أصبحت تطلق على الإنسان المثقف المستقل، واسع الأفق، رحب الصدر، سامي النفس، سمح التفكير، الصريح المنفتح الأنيس اللطيف المعتدل، المدافع عن حقوق الآخرين من المضطهدين والمستضعفين. ثم أخذ معنى الليبرالية في التطور حتى أصبح يطلق على النظم التي تتسم بالحرية واللامركزية، واستمرت أيضا في التطور حتى أصبحت تطلق على النظم الاقتصادية الحرة.
والليبراليون هم أول من طالب بحقوق الإنسان والمساواة في المواطنة والإخاء بين البشر، وطالبوا بأن تصبح أنظمة وقوانين فاعلة ونافذة وتلحق بدساتير الدول.
هذا وقد تطور مفهوم الليبرالية ليعني الانتخابات الحرة والنزيهة، والفصل بين السلطات في الدولة، والإيمان بالحقوق المدنية وحرية الصحافة والإعلام، وحرية التدين والتجارة وحق الحياة وحق الملكية وحق الحرية. وكان هذا ثمار نضال وكفاح الليبراليين الأحرار، الذين قاوموا الاستبداد بجميع أنواعه، بالكلمة الحرة والقلم الحر الشجاع، وكشفوا للناس مثالبه وعوراته. والليبراليون يؤمنون إيمانا لا يحيدون عنه، بحرية التدين وحرية المعتقد وممارسة العبادة؛ وهذا امتداد لما بدأ به الرسل والأنبياء عليهم أفضل الصلوات والتسليم، وهذا مشاهد وملموس على أرض الواقع، ومن حاد عنه، فالليبرالية منه براء، ولو ادعى بأنه ليبرالي.
وهنالك خلط مقصود أو عن جهل، بين اللا ديني والإباحي والفوضوي وبين الليبرالي؛ فقد يكون اللا ديني أو الإباحي أو الفوضوي متسلطا لا يؤمن بالليبرالية وإنما يؤمن بفرض آرائه ومزاجه وتسلطه على الآخرين لا غير.
والليبرالية كنهج مضاد لنهج التسلط والاستبداد والطغيان، تمت محاربتها وتشويهها والحط والتحذير منها وإلصاق ما ليس منها بها.
من مبادئ الليبرالية الحرية والعدالة والإخاء والمساواة والشفافية ومحاربة الفسـاد. وهذه المبادئ هي التي طالبت بها الجماهير العربية خلال الربيع العربي.
ودليل على سماحة النهج الليبرالي، تسلقت إلى الحكم بعض الجماعات التي كانت مجافية، إن لم نقل معادية للنهج الليبرالي، ولذلك فكل متسلق سيسقط إن عاجلاً أم آجلاً، وهذا مصير اللصوص؛ وسيصعد ويبقى ليبني كل صادق مع ما طرحته جماهير الربيع العربي من قيم إنسانية ليبرالية، ولو كره المتسلقون.
فالعصر عصر الليبراليين والمبادئ الليبرالية، والزمن زمنك إيها الليبرالي، وأنت من ناضل من أجل بنائه، فكر.. فأنت ليبرالي حر.